بقلم نور ابراهيم، محررة جودة في بيت المحتوى
يُدرك جميع المهتمين بمجال الترجمة أهمية البحث عن المعلومة الدقيقة عند نقلها من اللغة المصدر إلى اللغة الهدف، لأن أصول الترجمة وحدها لا يمكنها الخروج بنصٍّ دقيق بدون عملية البحث التي تُعدّ ضرورةً أساسية للوصول إلى نصٍ عالي الجودة. وفيما يلي بضع نقاطٍ كفيلة بتغطية أهم الجوانب التي تساعدنا في ترجمة نص يشتمل على معلوماتٍ دقيقة وموثوقة:
أولاً، علينا قراءة الملف الذي بين أيدينا بلغته الأصلية والبحث في زواياه عن صورٍ أو رسوم توضيحية أو روابط داخلية لمواقع إلكترونية. قد تبدو هذه النصيحة بديهيةً للغاية، لكنها توفر الكثير من الوقت في حال وجدنا ما نبحث عنه باللغة الهدف ضمن صورة الشعار أو رابط يأخذنا لموقعٍ إلكتروني لشركة يدعم اللغتين، لنكون بذلك قطعنا شوطاً لا بأس به خلال عملية البحث عن الاسم الدقيق لهذه الجهة أو العلامة. ولا ننسى الانتباه إلى أي ملاحظاتٍ أو مراجع مرفقة ومُرسلة من الجهة المعنية، فقد تزودنا بمعلوماتٍ وافية عن الترجمة المقابلة لما نبحث عنه بدون عناء، ما يتيح لنا الالتزام بالترجمة الدقيقة التي ينشدها العميل في محتوى سابق
ثانياً، لا يخفى على أحد بأنّ محركات البحث مثل جوجل هي سلاح المترجمين السرّي خلال عملية البحث عن المرادف باللغة الهدف لأسماء جهات أو أشخاص أو مبادرات وما إلى ذلك، وتعزز تطبيقاتها وأدواتها النتائج الظاهرة فضلاً عن استخدام الرموز في مربع البحث لتقليص النتائج والخروج بأفضلها. وهنا، ينبغي الانتباه إلى مدى جودة المصادر التي تظهر لنا في نتائج البحث والاستعانة بأكثرها مصداقية. وتُعد الصحف الرسمية ووكالات الأنباء في الدول التي سُتنشر فيها الأخبار الصحفية التي بين أيدينا خياراً مثالياً على سبيل المثال، إلى جانب المواقع الإلكترونية الرسمية للجهات التي نودّ البحث عنها من شركات ومنظمات ووزارات وغيرها من كيانات تمتلك مواقع مدعومة بأكثر من لغة. وهنا، ينبغي الإشارة إلى موسوعة ويكيبيديا الرقمية التي يلجأ إليها بعض المترجمين كخيارٍ أخير في معظم الأحيان، فهي منصةٌ مفتوحة تتيح للجميع المشاركة في تحريرها، ما قد يعني عدم دقة معلوماتها وضرورة إجراء مزيدٍ من البحث للتأكد من مصداقية المعلومة التي اخترنا الاستعانة به
ثالثاً، هل تستخدمون برامج الترجمة بمساعدة الحاسوب المعروفة باسم Cat tools، مثل ترادوس وميموكيو ووردفاست؟ إذاً، لابدّ أنكم تستخدمون الاختصارات التي تساعدكم في البحث ضمن الذاكرة المرفوعة على المهمة الموكلة إليكم، والتي توفر بدورها أدواتٍ داعمة أخرى لتقليص نتائج البحث وزيادة فاعليتها. ولا ننسى خاصية قاعدة المصطلحات التي يمكنكم إثراءها على الدوام لتسريع عملية البحث وإيجاد الترجمة الدقيقة لكلماتٍ وعباراتٍ رُفعت مسبقاً عليها. وهكذا، يستطيع المترجم دائماً الاستعانة بهذه المزايا ومحاولة اختيار النتائج الأحدث، مع التأكيد على أهمية البحث عن هذه النتائج نفسها على محرك بحثٍ منفصل للتأكد من دقتها، خصيصاً عند نقل اختصارات بالأحرف لأسماء شركات معينة قد تحمل اسم أكثر من جهة.
رابعاً، لنبدأ الآن بالتفكير خارج الصندوق في حال لم تسعفنا النصائح السابقة. يغفل البعض بأن قنوات التواصل الاجتماعي الرسمية للشركات هي كنوزٌ حقيقية للبحث عن المعلومة الدقيقة، مثل إنستاجرام وفيسبوك وتويتر، فجوجل لا يمتلك بالضرورة الإجابة على كل شيء. ويتميز فيسبوك بميزةٍ تجعله يتفوق على بقية القنوات، حيث يقدم أداةً للبحث ضمن الصفحة توفر وقت وعناء تصفّح المنشورات، وخصيصاً عند البحث عن ترجمة هاشتاج معين. بينما يُعدّ يوتيوب وسيلةً رائعة للاستماع إلى الترجمة اللفظية لكلماتٍ بلغاتٍ لا تدعم ترجمة جوجل ميزة لفظها الصوتي على سبيل المثال، خصيصاً في مواضيع السياحة التي تتطرق لأسماء مواقع ووجهات لا توجد وسيلةٌ أخرى للتأكد من كتابة اسمها بالشكل الصحيح. كما يُعدّ لينكد إن منصةً رائعة لإيجاد شخصياتٍ معينة نودّ البحث عنها أو عن الجهات التي تعمل فيها.
خامساً، قد نجرّب كل ما سبق، ولا نصل إلى النتيجة المنشودة باللغة الهدف، فما العمل! حسناً، لا ينبغي أن نتردد بتقديم اقتراحاتٍ مفيدة لترجمة مرادفة ودقيقة. ويُمكن أن يترك المترجم ملاحظةً مرفقة توضح تقديره الشخصي في هذه المبادرة. كما توصي شركة "بيت المحتوى" بتقديم ترجمة لفظية للكلمة أو العبارة التي تواجهنا في حال عدم عثورنا على مرادف باللغة الهدف، كاقتراح يمكن يرفعه للعميل في بعض الأحيان. وبالطبع، يساعدنا البحث عن المعلومات باللغة المصدر في تقديم ترجمةٍ أكثر وضوحاً لاقتراحنا، فلنفترض أننا بحاجة لترجمة عبارة "Indeed We Can"، وقد وجدنا الجهة المرتبطة بهذه العبارة باللغة الهدف؛ يساعدنا البحث باللغة المصدر في تحديد ما إذا كانت هذه العبارة مرتبطة باسم مبادرة أو مشروع أو صندوق وما إلى هنالك، لنكتب فرضاً "وأطلقت الشركة في وقتٍ سابق مبادرة إنديد وي كان".
وأخيراً، إليكم النصيحة الذهبية.. استمتعوا بهذا العمل الذي يحمل آفاقاً غير محدودة ويعرّفكم في كل يوم إلى معلوماتٍ جديدة ومثيرة، فلا يوجد ما يضاهي متعة الخروج بنصٍ من إبداعكم أو شعور الرضا الذي ينتابكم بعد فكّ جميع الشيفرات وإيجاد ما تبحثون عنه لتقديم ترجمةٍ متقنة ترتقي إلى تطلعات العميل وتصقل خبراتكم ومهاراتهم في آنٍ معاً.