مدونة بيت المحتوى

يلا تنام يلا تنام

يلا تنام يلا تنام

" يلا تنام يلا تنام.. وأهديلك طير الحمام .. روح يا حمام لا تصدّق .. نضحك عالحلو لينام"

ترتبط هذه الترنيمة الشهيرة للسيدة فيروز في أذهاننا بالطفولة، فمن منا لم يستخدمها مراتٍ عديدة مستبدلاً كلمة "الحلو" بطيفٍ من الأسماء المحببة لقلوبنا لمساعدة طفلٍ صغير على الاسترخاء والخلود إلى نومٍ هانئٍ وعميق!

ورثنا هذا التقليد الموسيقي أباً عن جد بهدف نقل الشعور بالطمأنينة والأمان لأطفالنا الذين لا يدركون بعد فك طلاسم الكلمات. وكما ثبت لاحقاً، لا تقتصر أهمية الألحان على منح الأطفال شعوراً بالراحة والأنس، إذ أظهرت أبحاث أجرتها جامعة كونكورديا، بالتعاون مع معهد ومستشفى مونتريال للأعصاب، الفوائد المتعددة للموسيقى خلال نشأة الأطفال.

ويرجع ذلك بشكلٍ أساسي إلى ميزات الموسيقى بصفتها أحد الأنشطة القليلة التي تتطلب استخدام جميع مناطق الدماغ، فهي تساهم في تحسين الذاكرة وتعزيز التركيز، بالإضافة إلى فائدتها الأساسية في المساعدة على تعلم اللغات، حيث يمتلك الأطفال حديثو الولادة مليارات الخلايا في الدماغ التي تشكّل خلال السنوات الأولى روابطاً مع بعضها البعض، وتتعزز قوة هذه الروابط باستخدامها مع الزمن بنفس الطريقة التي تنمو بها العضلات مع الممارسة المستمرة للتمارين الرياضية. لذلك، يطوّر الأطفال الذين ينشأون في بيئة موسيقية روابط أقوى بين خلايا الدماغ المسؤولة عن المهارات الموسيقية والتي يصدف أنها مسؤولة أيضاً عن تعلم اللغات.

وتؤدي الموسيقى دوراً مهماً في تعلم اللغة الأصلية والأجنبية على حدٍ سواء، حيث يميل الأطفال إلى تقليد إيقاعات اللغة ونغماتها قبل زمنٍ طويل من تعلم كلماتها. كما تساعد الموسيقى وأغاني الأطفال لاحقاً على حفظ الكلمات والتعابير وتذكرها. وبشكلٍ خاص، يستفيد الأطفال الذين يتعلمون أكثر من لغة واحدة من الأغاني في تعلم النطق الصحيح دون عناء.

وتتشارك الموسيقى مع اللغة في العديد من العناصر مثل الطبقة والحدة والوتيرة واللحن والنغمة، لذا يساعد الاستماع إلى الموسيقى الأطفال على التعرف على هذه العناصر واختبارها قبل وقتٍ طويل من الحاجة لاستخدامها.

ويصنف علماء العصر الحديث اللغة المحكية ضمن أنواع الموسيقى المتعددة، حيث تشكّل هذه الفرضية محور الدراسة التي أجراها مركز تعلم القراءة والكتابة المبكرة حول الدور الإيجابي الذي تؤديه الموسيقى وأغاني الأطفال في التعلم واكتساب اللغة، مبيناً أن تعلم التحدث بشكلٍ صحيح يعتمد على فهم الموسيقى في المقام الأول. كما يساعد تكرار هذه الأغاني الطفل على تذكر الحركات المرافقة لها والكلمات التي تصف هذه الحركات.

وإليكم بعض الطرق التي تساعد فيها الموسيقى على تطور اللغة عند الأطفال:

تطوير القدرة على القراءة والاستيعاب: تعد القراءة إحدى المهارات الأساسية في أي لغة لأنها تعزز التعرض لجميع جوانب اللغة وبالتالي الفهم الكامل لها. وتبين، من خلال العديد من الدراسات التي أجريت في السنوات القليلة الماضية، أن الموسيقى تلعب دوراً محورياً في تطوير مهارات القراءة والفهم من خلال التعريف بتراكيب اللغة وتعليم اللفظ الصحيح.

حفظ المفردات الجديدة: تعد المفردات أيضاً جزءاً لا يتجزأ من أي لغة، ويمكن إثراء ذخيرة المفردات بعدة طرق، تعد الموسيقى أفضلها، فالأغاني هي مؤلفات إبداعية تطرح مفردات جديدة يمكن لمتعلم مبتدئ في اللغة إضافتها إلى مخزونه الخاص. لذلك، يزيد الاستماع للأغاني من فرصة تعلم مفردات جديدة، فضلاً عن دور الأجزاء المكررة من الأغاني (اللازمة) في ترسيخ هذه الكلمات والمساعدة على تذكرها وتعلم طريقة استخدامها.

تعلم النظام الصوتي للغة: يمكن تعريف اللغة بشكلٍ بسيط بأنها نظام صوتي قائم على تنسيق الأصوات المختلفة مع بعضها البعض لنقل المعنى. ويمكن للأطفال الذين يستمعون إلى الموسيقى بشكلٍ منتظم التعرف على أنظمة وقواعد دمج الأصوات في اللغة، إلا أن الأطفال الذين يتعلمون العزف على الآلات الموسيقية وقراءة النوطة هم أكثر قدرة على تنسيق الأصوات. وفي دراسة أجريت بين طلاب المدارس، تبين أن الأطفال المهتمين بالموسيقى هم أكثر قدرة على تعلم مهارات اللغة، خاصةً الأطفال الذين تلقوا دروس العزف على الجيتار أو قرع الطبول.

 

ويمكن تعزيز قدرة الأطفال على التعلم من خلال:

العزف للطفل: يُنصح دائماً بزيادة فترات تعرض الأطفال للألوان الموسيقية المتنوعة، فإذا كنتم من محبي العزف على الآلات الموسيقية، يُفضل ممارسة هذه الهواية بالقرب من الأطفال مع مراعاة اختيار النغمات الهادئة والأصوات المعتدلة، حيث يمكن للأصوات العالية أن تتسبب بأذية في سمع الطفل.

الغناء للطفل: بغض النظر عن جودة الصوت أو الموهبة، يُنصح دائماً بالغناء للأطفال، حيث يساعدهم سماع الأصوات على التقاط اللغة وتعلمها.

الغناء مع الطفل: بعد بلوغ السن المناسب، يستمتع الأطفال بالغناء مع الكبار، كما يساعدهم تنسيق الكلمات مع الألحان على تعزيز قدرة الدماغ على التعلم بشكل أسرع والاحتفاظ بالمعلومات الجديدة. لذلك، فإننا نتذكر كلمات الأغاني التي كنا نغنيها في طفولتنا حتى لو لم نستمع إليها لسنوات.

وفي النهاية، إذا لم تساعدنا الموسيقى على تعلم لغة جديدة، حسبها أنها اللغة التي يفهمها الجميع.

 

بقلم: رؤى أرسوزي، مديرة المشاريع، بيت المحتوى - تحرير: إنجي حلوم، محررة الجودة، بيت المحتوى

Image
أبراج بحيرات جميرا، ص.ب. 38443, دبي الإمارات العربية المتحدة ​
المبيعات وخدمة العملاء
97144243066+
البريد الالكتروني على مدار الساعة:
hello@hoc.ae