تشكل محركات البحث الخيار الأول الذي يلجأ إليه الجميع عند التفكير بأي شيء. سواء كنت تخطط لرحلة أو تبحث عن أفكار لفطور صحي أو تريد معرفة وزن القمر، كل ما عليك فعله هو كتابة بعض الكلمات في مربع البحث ليظهر أمامك، خلال أجزاء من الثانية، قائمة لا تنتهي من النتائج المرتبة تبعاً لعلاقتها باستفسارك.
وتتبع محركات البحث خوارزميات معينة لفلترة الكم الهائل من المعلومات الموجودة على الإنترنت وتقديم أفضلها للمستخدم. وهنا تكمن أهمية السيو (SEO) الذي يشير إلى الآلية التي يمكن من خلالها تحسين ظهور موقعك وترتيبه ضمن نتائج محركات البحث. ويشكل تصدر النتائج الأولى من أهم استراتيجيات التسويق للوصول إلى العملاء وتعريفهم على المنتجات والخدمات التي يقدمها موقعك.
لكن ما الذي يعزز من أهمية السيو بصفته أداء تسويقية أساسية؟
يوجد العديد من الأدوات التسويقية التي تساعد على الترويج في العالم الرقمي وأبرزها PPC أو الدفع على النقرة الواحدة، لكن يمكن القول إن اعتماد استراتيجيات السيو يعطي نتائجاً أفضل من PPC بنسبة 70% مما يجعل تحسين محركات البحث من أهم الخطوات التي يجب على الجميع تطبيقها من أجل تعزيز حضورهم الرقمي.
ويساعد تحسين محركات البحث على استقطاب المزيد من الزوار، ونعرف جميعنا أن الزوار هم عملاء محتملين، بالإضافة إلى تعزيز مكانة موقعك بين نتائج البحث والتميز عن الكم الهائل من المنافسة الشديدة الموجودة على الإنترنت. ويتضمن السيو مجموعة من الاستراتيجيات التي يمكن تطبيقها لتصدر نتائج البحث بالاعتماد على الكلمات المفتاحية وغيرها من الأساليب التي تحقق نتائجاً ملموسة للعلامات التجارية والأعمال والشركات الكبيرة والصغيرة، وهذا ما دفع الخبراء للتوقع أن القيمة العالمية لقطاع تحسين محركات البحث ستصل إلى 122.11 مليار دولار بحلول عام 2028. لكن دعونا قبل أن نتطرق للتفاصيل أن نوضح لكم ما هو المقصود من خوارزميات محركات البحث وآلية عملها.
تهدف خوارزميات البحث إلى فلترة الكم الهائل من النتائج الموجودة على الإنترنت واختيار أفضلها لعرضها للمستخدم بما يناسب مع ما يبحث عنه، ولتقريب الفكرة يمكننا تخيل الإنترنت وكأنه محيط واسع، ونتائج البحث هي كل ما يضمه هذا المحيط من أسماك وحتى مهملات. ويمكننا تشبيه خوارزمية البحث بمثابة صياد محترف يتبع أسلوب صيد معين لانتشال أفضل غنيمة من أعماق المحيط الواسع.
لكن ما هي الاستراتيجيات المعتمدة؟
يمكن تقسيم استراتيجيات السيو إلى مجموعتين أساسيتين، وهي استراتيجيات القبعة السوداء واستراتيجيات القبعة البيضاء. وتهدف جميع الاستراتيجيات بغض النظر عن تصنيفها إلى تحقيق متطلبات خوارزميات البحث لرفع تصنيف الموقع بين نتائج البحث.
ويتم الاعتماد على استراتيجيات القبعة البيضاء والسوداء لتلبية متطلبات خوارزميات البحث وزيادة فرص ظهور موقعك الإلكتروني بين النتائج الأولى لكل عملية بحث. وبالرغم من أن الغاية واحدة، إلا أن الاختلاف بينهما أقرب للاختلاف بين الليل والنهار. وتضم استراتيجيات القبعة البيضاء مختلف الممارسات المسموحة والأخلاقية التي تتوافق مع إرشادات محركات البحث ما يعني أنها الطريقة الآمنة التي يمكن اتباعها لتحقيق أفضل النتائج وتفادي التعرض للعقوبات من أي محرك بحث كان.
وتشمل استراتيجيات سيو القبعة البيضاء:
1. تقديم المحتوى والخدمات المميزة بأعلى جودة ممكنة، وتساعد هذه النقطة على استقطاب الزوار الذين يبحثون عن أفضل قيمة.
2. رفع سرعة تحميل الصفحات بهدف تعزيز تجربة المستخدم ووصوله إلى المحتوى المطلوب بأقصر وقت ممكن، وتشكل فترات الانتظار الطويلة لتحميل المحتوى من أهم الأسباب التي تدفع الزائر لمغادرة الموقع وتجنب العودة إليه مستقبلاً.
3. تقديم محتوى متوافق مع جميع الأجهزة، إذ يجب ألا ننسى أن معظم المستخدمين في الوقت الراهن يعتمدون على أجهزتهم الذكيرة للوصول إلى الإنترنت، مما يستدعي التأكد أن موقعك الإلكتروني متوافق للتصفح باستخدام الأجهزة المحمولة وإلا لن تتمكن من الوصول إلى شريحة كبيرة من مستخدمي الإنترنت.
4. الاعتماد على الوصف القوي لجذب انتباه القارئ ودفعه للنقر على موقعك دون تردد، ويمكن من خلال هذه الطريقة التميز عن باقي المواقع التي تقدم خدمات أو محتوى مشابه لموقعك.
5. التأكد من تصميم الموقع بشكل سلس وبسيط لتضمن للمستخدم القدرة على التنقل بين صفحات الموقع بسرعة وبدون تعقيد، مما يزيد من زمن بقاء المستخدم ضمن الموقع قبل مغادرته.
كانت هذه أبرز استراتيجيات القبعة البيضاء التي تشكل بمجملها أساليباً منطقية تهدف إلى إغناء موقعك بالمحتوى الجيد وتعزيز مكانته لتصدر نتائج البحث بطريقة صحيحة ومضمونة ولا تخالف القوانين. ونلاحظ أن هذا النوع من الاستراتيجيات يركز على المستخدم بالدرجة الأولى، وهي الطريقة الصحيحة التي يجب على الجميع اتباعها عند دخول عالم السيو.
ماذا عن استراتيجيات القبعات السوداء؟
يعبر هذا المصطلح عن جميع الاستراتيجيات والأساليب التي تهدف إلى تحسين محركات البحث بالاعتماد على طرق غير مقبولة وتنتهك شروط محركات البحث. ويمكن وصفها بأنها طريقة لخداع خوارزمية البحث دون القيام بالتغييرات الفعلية واللازمة لتحقيق النتائج بصورة سليمة. وستلاحظون تباعاً مدى الاختلاف الكبير بين القبعات السوداء والبيضاء بالرغم من أن غايتهما واحدة.
وتشمل استراتيجيات سيو القبعة السوداء:
1. المحتوى المنشأ تلقائياً، وتعتمد هذه الطريقة على استخدام أدوات معينة لتوليد نصوص تضم الكلمات المفتاحية بهدف الوصول إلى الزوار دون تقديم أي قيمة حقيقية.
2. صفحات المدخل، وهي صفحات يتم إنشاؤها خصيصاً لتستهدف نتائج بحث معينة، مما يؤدي إلى وجود عدة صفحات مشابهة في نتائج البحث.
3. النصوص والروابط المخفية.
4. حشو الكلمات المفتاحية، إذ تعتمد بعض المواقع على تكرار الكلمات المفتاحية التي يبحث عنها المستخدمين مما يعطي نص مكرر وغير مترابط.
5. الإبلاغ عن المنافسين الذين يعتمدون استراتيجيات القبعة السوداء (أو محسنات محركات البحث السلبية).
6. إظهار محتوى مختلف عن المحتوى الفعلي بهدف استهداف الكلمة المفتاحية دون تقديم المحتوى المناسب.
7. إعادة التوجيه الخادعة.
8. عملية بناء الروابط.
9. الحسابات غير المرغوب فيها على خدمات الاستضافة، والتي يمكن لأي شخص التسجيل فيها.
10. الاعتماد على حيل الروابط أو الروابط المدفوعة.
11. نسخ وسرقة المحتوى، وتؤدي هذه النقطة إلى ضعف كبير في تقديم محتوى أصلي يقدم للمستخدم فائدة وقيمة إضافية عن المحتوى الموجود على الإنترنت.
12. استخدام البرامج أو الخدمات الآلية لإنشاء روابط توجه الزوار إلى موقعك الإلكتروني.
13. إرسال طلبات بحث آلية إلى جوجل بهدف رفع تصنيف موقعك في نتائج البحث.
14. التكرار من خلال إنشاء صفحات بنفس المحتوى.
15. إنشاء صفحات ذات سلوك ضار، مثل تثبيت برامج بدون موافقة المستخدم، وفي بعض الأحيان قد لا يكون صاحب الموقع على دراية أن موقعه يستضيف برنامج خبيث.
هناك أيضاً الكثير من الأساليب المعتمدة لتعزيز تصنيف الموقع ضمن نتائج البحث بطريقة غير قانونية، ومن المهم دائماً أن نتذكر أن هذه الأساليب قد تنجح بتحقيق الهدف على المدى القصير إلا أنها ستعود بكثير من الضرر على المدى البعيد.
لماذا عليك تجنّب استراتيجيات القبعة السوداء؟
أصبح من الواضح تماماً لماذا تعتبر استراتيجيات القبعة السوداء غير أخلاقية ومخالفة للتشريعات المعتمدة من قبل محركات البحث، ولهذا السبب يمكن النظر إليها بمثابة محاولة لخداع القوانين المعتمدة ومن البديهي أن يعرضك استخدامها لمخاطر عديدة. ويجب أن ننتبه إلى أن أضرار استخدامها أكثر بكثير من منافعها.
كما يجب أن نأخذ التطور المتسارع الذي تشهده خوارزميات البحث بعين الاعتبار، وتصبح هذه الخوارزميات أكثر قدرة على تحديد المواقع والصفحات التي تعتمد أساليب القبعة السوداء. ولهذا السبب فإن محركات البحث مثل جوجل قادرة على اكتشاف هذا النوع من المخالفات، لكن ما معنى هذا الكلام؟
يمكننا تشبيه المخالفة من جوجل بمثابة أمر يوجه إلى خوارزميات البحث لتجاهل موقعك بالكامل عند إظهار نتائج البحث. الأمر الذي يعني تدهور تصنيف موقعك إلى أن يندثر بالكامل بعد نسف جهودك بين ليلة وضحاها.
كما ينتهي اتباع استراتيجيات القبعات السوداء مع تجربة استخدام سيئة مما يدفع الزوار إلى الخروج من موقعك بأقصر وقت وتجنب زيارته في المستقبل، وتمتلك محركات البحث القدرة على ملاحظة انخفاض معدل الزيارات أو وقت الزيارة الواحدة لتقوم بتخفيض تصنيف موقعك، فالهدف من محركات البحث في نهاية المطاف هو توفير تجربة تصفح سلسة لجميع المستخدمين على الإنترنت.
فكر في خطواتك القادمة
تتثمل القاعدة الذهبية في مجال السيو في التركيز على تحسين تجربة المستخدم، ويمكنك البدء باتباع هذه الخطوات الأربع:
1. ألق نظرة أخرى على الاستراتيجيات المستخدمة على موقعك
قد لا يدرك كثير من الأشخاص أن الاستراتيجيات التي يتبعونها لتحسين محركات البحث تنطوي تحت استراتيجيات القبعات السوداء، ولهذا السبب ننصحك أن تجري تقييماً شاملاً للأساليب التي تعتمدها لتحديد فيما كانت مسموحة أم لا. وتذكر دائماً أن اعتماد الاستراتيجية الخاطئة سينتهي بنتائج كارثية عاجلاً أم آجلاً.
2. تجنب استراتيجيات القبعة السوداء
ننصحك بعد الانتهاء من تحديد الاستراتيجيات المستخدمة على موقعك أن تضع خطة جديدة وواضحة للتوقف عن استخدام الاستراتيجيات الضارة واستبدالها بالأساليب الصحيحة، فالخطة القائمة على استراتيجيات القبعة السوداء ليست حلاً مثالياً على المدى البعيد لاسيما في ظل التطور الهائل الذي تحققه جوجل في اكتشاف هذه الاستراتيجيات واتخاذ الإجراءات اللازمة.
3. عليك باستراتيجيات القبعة البيضاء
والآن كل ما عليك فعله هو استبدال استراتيجيات القبعة السوداء بما يقابلها من استراتيجيات القبعة البيضاء، كما يمكنك التوسع في البحث وتضمين استراتيجيات جديدة لم تكن تعتمدها من قبل. ويمكنك بهذه الطريقة أن تبقى أن وموقعك على الضفة الآمنة وتواصل العمل تجاه هدفك في تحقيق أكبر نمو عضوي ممكن.
4. ضع المستخدم على رأس أولوياتك
تكمن الخطوة الأخيرة في أن تتمحور جميع جهودك حول تجربة المستخدم. اسأل نفسك دائماً عن التحسينات التي يمكنك تطبيقها لتكسب ولاء الزوار ودفعهم للبقاء في موقعك لأطول فترة ممكنة. ويمكنك بالاعتماد على هذا المبدأ أن تعزز مكانة موقعك أو شركتك أو علامتك التجارية لتكون الخيار الأول الذي يتبادر إلى ذهن العميل أو الزائر.
ونود تذكيركم ختاماً بأن تحقيق النتائج المطلوبة يتطلب وقتاً ومعرفة عميقة في المجال، ولهذا السبب يجب أن تبتعدوا عن الأساليب المختصرة وكونوا على ثقة بقدرتكم على تحقيق النجاح بالاعتماد على الطرق الصحيحة والمضمونة.
بقلم: محمود يوسف، مترجم في "بيت المحتوى"