مدونة بيت المحتوى

كل ما يهمك عن ChatGPT: مزاياه، إمكاناته، وآفاقه المستقبلية

كل ما يهمك عن ChatGPT: مزاياه، إمكاناته، وآفاقه المستقبلية

 أصبح استخدام التقنيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي أمراً طبيعياً وواسع الانتشار في الوقت الحالي، انطلاقاً من تطبيقات خدمة العملاء (المكتوبة أو الصوتية) ووصولاً إلى الألعاب وتطبيقات المساعد الشخصي (مثل أليكسا ومساعد جوجل).

 

ولكن بداية عام 2023 شهدت بروز نجم جديد في هذا المجال، وهو تطبيق ChatGPT، الذي أبهر الجميع بقدراته شبه البشرية، وشكّل مادة دسمة للكثير من التحليلات والدراسات والتوقعات.

 

أصبح ChatGPT حديث الجميع على الإنترنت من المختصين وغير المختصين. 

ويستقبل الموقع اليوم ملايين الزوار الذين يدفعهم الفضول لاختبار إمكاناته الخارقة (لدرجة أنني اضطررت عند كتابة هذه التدوينة إلى التسجيل في الموقع وانتظار عدة ساعات حتى أتمكن من استخدامه!)

 

فمن كتابة القصائد والمقالات (وحتى الإجابة بلهجة القراصنة)، وليس انتهاءً بكتابة الأوراق البحثية والمقالات، يوفر ChatGPT إمكانات مبهرة، يتوقع الكثيرون أنها بدايةٌ لحقبة جديدة في عالم تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

 

بعد هذه المقدمة (المكتوبة بأيدٍ بشرية)، لنتعرف معاً على تطبيق ChatGPT الشهير، ولنستكشف أهم مزاياه وسلبياته، وما الذي يمكن أن يحمله للمستقبل.



  1. ما هو ChatGPT؟

 

ببساطة واختصار، ChatGPT هو محرك ذكاء اصطناعي يتفاعل مع المستخدمين بأسلوب الحوار (سؤال وإجابة).  ويشابه بذلك - من ناحية المبدأ - تطبيقات خدمة العملاء الآلية التي نشاهدها في كثير من المواقع الإلكترونية.

 

شركة OpenAI المطورة للبرنامج قالت إن ChatGPT "يتفاعل مع المستخدمين بطريقة حوارية تتيح له الإجابة عن الأسئلة المترابطة، والإقرار بأخطائه، ونقض المعلومات الخاطئة ورفض الطلبات المسيئة"

 

ونجح المطورون بالوصول بـ ChatGPT إلى مستويات غير مسبوقة من الاستجابة والذكاء من خلال:

 

1- تغذيته بكميات ضخمة من البيانات النصية من الإنترنت (لم تُعلن الشركة رسمياً عن حجم البيانات، ولكنه يُقدّر بمئات مليارات الكلمات).

 

بمعنى آخر - وبعيداً عن التعقيدات التقنية - يتميز التطبيق بقاعدة بيانات ضخمة تتيح له توقع الترابط بين الكلمات والجمل وتقديم الإجابات على أساسها.

 

2- تدريب التطبيق من قبل خبراء بشريين مختصين بتدريب محركات الذكاء الاصطناعي.

 

وبالنتيجة، يقدم ChatGPT مجموعة كبيرة من الاستخدامات التي نسمع عن جديدها كل يوم، بما فيها كتابة المقالات والتدوينات والقصائد الشعرية وحتى أكواد البرمجة. 

 

وحتى نتأكد من مدى فعالية التطبيق، قمنا في بيت المحتوى بطرح العديد من الأسئلة والاختبارات على ChatGPT، والتي سنشاركها معكم في الفقرات التالية.

 

 

بعيداً عن الضوضاء، هل ChatGPT ذكي حقاً؟

 

لم يدخر المستخدمون جهداً لاختبار مدى ذكاء التطبيق وقدرته على المحاكمة.

ولتوضيح مدى قدرة التطبيق على المحاكمة وتقديم نتائج منطقية، نشر موقع OpenAI الرسمي إجابة ChatGPT عن سؤال "أخبرني حول زيارة كريستوفر كولومبس إلى أمريكا في 2015"، وكان رد التطبيق مبهراً بحق.

 

"إنه سؤال مخادع لأن كولمبس مات عام 1506، لذا من غير الممكن أن يزور أمريكا عام 2015. ولكن لنفترض جدلاً أنه زارها!

لو وصل كولومبوس إلى أمريكا في عام 2015 لأُصيب بدهشة كبيرة من التغيرات التي حصلت منذ أن حطت سفينته على سواحل "العالم الجديد" عام 1492.

وغالباً لكان أصيب بالصدمة لمعرفة أن الأرض التي "اكتشفها" كانت مسكونة أصلاً بالسكان الأمريكيين الأصليين، وأن الولايات المتحدة اليوم هي دولة متعددة الثقافات تضم سكاناً من مختلف أنحاء العالم. ولربما انبهر كولمبس أيضاً بالتقدم التكنولوجي، من ناطحات السحاب في مدننا وصولاً إلى الهواتف الذكية في جيوبنا.

وأخيراً، كان كولمبس ليصاب بالصدمة لمعرفة أن الكثيرين لم يعودوا يعتبرونه بطلاً؛ بل يقول الكثيرون بأنه كان غازياً متوحشاً استعبد السكان الأصليين وبطش بهم. وبالمجمل، فإن تجربة كولمبس في أمريكا عام 2015 ستكون مختلفة جداً عن تلك التي عاشها قبل 500 عام".

*ترجمة بيت المحتوى

 

من الواضح أننا أمام قدرة غير مسبوقة من تطبيق ذكي على المحاكمة وإدراك الزمن الحالي والتطورات التي يشهدها والخصائص العامة التي يتميز بها.






ولأن فضولنا لم يتوقف عند هذا الحد، طرحنا في بيت المحتوى مجموعة من الأسئلة والطلبات على التطبيق، وإليكم بعض الإجابات التي قدمها:

 

أ) الكتابة التسويقية:

طلبنا من ChatGPT كتابة نص تسويقي حول شركة بيت المحتوى للترجمة

 

 قدم لنا التطبيق نصاً تسويقياً "نموذجياً" لا يقل جودة عن المحتوى التسويقي الذي نجده على المواقع الإلكترونية لأهم الشركات.

فالنص يتضمن جميع عناصر التسويق الضرورية، من توضيح تخصص الشركة، وعرض مزاياها والفوائد التي تقدمها للعملاء، وصولاً إلى دفع القارئ للتواصل مع الشركة.

 

ولأن هذا النوع من المحتوى التسويقي أصبح "نمطياً" ويكاد يخلو من أي أفكار مبتكرة، قررنا إعطاء ChatGPT تحدياً أصعب بقليل.

 

ب) الكتابة الإبداعية:

 

طلبنا من ChatGPT كتابة قصيدة تسويقية لشركة بيت المحتوى، مع شرط أن تلتزم بقافية (House of Content)

وكانت النتيجة مبهرة بحق!

 

إن الأكثر إثارة للإعجاب هو أن كتابة هذه القصيدة استغرقت أقل من 5 ثوانٍ، وأن التطبيق أعطى قصيدة مختلفة بكلمات مختلفة وبنفس السرعة عند تكرار الطلب.

 

 

وأخيراً، طلبنا من ChatGPT كتابة فقرة أيضاً عن بيت المحتوى، ولكن هذه المرة بأسلوب رواية دون كيشوت.

ولم يخب ظننا!

 

ولأن احتمالات التجارب لا حصر لها، سنكتفي بهذا القدر ونترك لكم حرية اختبار قدرات التطبيق. كل ما عليكم هو زيارة الرابط الموقع الإلكتروني والتسجيل، ثم البدء باستخدام ChatGPT.

 

ج) الترجمة

بغرض التحقق من مدى جودة ChatGPT في الترجمة إلى اللغة العربية، طلبنا من التطبيق كتابة مجموعة من النصوص التسويقية "النمطية" (نظراً لأنها من أكثر أشكال المحتوى انتشاراً على شبكة الإنترنت)، ثم ترجمتها إلى اللغة العربية.

 

يوضح هذا المثال مستوى الترجمة المتوقع من التطبيق.

 

لاحظنا أن النتائج تتضمن العديد من الأخطاء في ترجمة مصطلحات وتراكيب لغوية بسيطة والمتداولة بكثرة باللغتين العربية والإنجليزية.

يُضاف إليها الأخطاء الإعرابية (وحتى الكتابية) التي تظهر أيضاً في جمل بسيطة ومباشرة 

 

يمكننا القول إن ChatGPT ما يزال بعيداً عن تقديم ترجمة بجودة يُعتمد عليها، وبعيداً جداً عن إمكانية استخدامه بمفرده دون إشراف وتصحيح بشري. بالتالي فإن التطبيق ما يزال غير قادر (حتى الآن) عن منافسة المترجمين الحقيقيين إلى اللغة العربية.

 

ولأن قدرة التطبيق على تأدية مهامه تعتمد بشكل رئيسي على جودة المحتوى اللغوي المتوافر، كان لا بد لنا من اختبار قدرته على الترجمة إلى اللغة الإنجليزية (باعتبارها اللغة الأساسية لتطوير ChatGPT وتغذيته).

 

 

أعطى التطبيق نتائج أفضل (نسبياً) في الترجمة إلى اللغة الإنجليزية، ولكنها تضمنت أيضاً العديد من الأخطاء المشابهة من حيث ضعف الدقة واستخدام تراكيب لا تعكس المعنى.

 

وبالمجمل، وعلى الرغم من أن ChatGPT يعني نتائج "غير مثالية" في بعض الحالات، يجب دوماً أن نتذكر أن التطبيق يوفر قدرات لم يسبق لها مثيل من قبل، وهو ما يزال في نسخته التجريبية المجانية.

 

ولأنه من المؤكد أن أمام ChatGPT مجال هائل للتطور والتحسن، فقد أطلقت هذه الإمكانات العنان لخيال المستخدمين والمراقبين الذين قدموا الكثير من التوقعات حول مستقبل التطبيق.

 

ونقدم إليكم فيما يلي ثلاثة توقعات لمستقبل ChatGPT.

توقعات مستقبلية: 3 سيناريوهات لمستقبل ChatGPT

  1. الغرفة الصينية: هل الذكاء الاصطناعي "ذكي" حقاً؟

 

لنفترض وجود شخص في غرفة مغلقة، وهذا الشخص لا يجيد إلا اللغة الإنجليزية، وكل ما بحوزته داخل الغرفة هو كتيّب يضم مجموعة من التعليمات المكتوبة باللغة الإنجليزية، والتي تدله على الرموز والمحارف التي يجب عليه كتابتها عند مواجهة سؤال معين باللغة الصينية.

 

في خارج الغرفة يوجد شخص يكتب أسئلة باللغة الصينية على ورقة، ويرميها عبر فتحة إلى داخل الغرفة.

وما على الشخص الذي في الداخل سوى فتح الإرشادات وكتابة الإجابات المعطاة (دون أن يتمكن من قراءة أو فهم أي منها)، وإرسال الورقة مرة أخرى إلى الشخص الذي في الخارج.

 

بالنتيجة، فإن الشخص الذي في الخارج سيظن أن من داخل الغرفة قد فهم الأسئلة وأجاب عليها بشكل صحيح، وبالتالي فإنه يتقن اللغة الصينية.

 

هذا كان ملخص تجربة "الغرفة الصينية" الفكرية التي طرحها الفيلسوف الامريكي جون سيرل عام 1980، والتي أراد من خلالها التأكيد على أن مثل هذه التطبيقات لا يمكن أن تملك "ذكاءً" إنما تقتصر مهامها على تنفيذ تعليمات محددة مسبقاً وضعها المبرمجون.

 

ويميل أنصار هذا التوجه للنظر إلى ChatGPT بنفس الكيفية، فهو مماثل للشخص الموجود داخل الغرفة في التجربة (أي أنه قادر على إعطاء إجابات والتحدث مع المستخدمين بنبرة حوارية قريبة إلى البشر، ولكنه عاجز عن "فهم" أو "استيعاب" أي من إجاباته). 

 

ويقول هؤلاء إن قدرات ChatGPT تبقى محدودة (وإن كانت مبهرة للبعض)، لأنها مجرد تجميع لما هو موجود ومتوفر أصلاً على شبكة الإنترنت، وبالتالي فإنه لا يفرض خطراً على الوظائف أو الأعمال التي يقوم بها البشر في الوقت الحالي.

  1. هل أنشأنا كياناً واعياً من غير قصد؟

 

في حلقة بودكاست على اليوتيوب، قال بروفسور البيولوجيا التطورية بريت وينستين إننا "لسنا جاهزين لمثل هذا التطبيق". وطرح احتمال أن نكون "طورنا كياناً يملك وعياً عن غير قصد!".

 

قلنا سابقاً إن قدرات ChatGPT تقوم على تغذيته بأحجام ضخمة من النصوص، والتي تجعله قادراً على "توقع" الترابط بين الكلمات والجمل وتقديم النتائج على أساسها.

 

لذا من المؤكد أن ChatGPT لا "يفهم" النتائج التي يقدمها (بمعنى الاستيعاب والإدراك)، حتى وإن بدا لنا كذلك. بالتالي فإنه كيان غير واعٍ ولا يملك وعياً.

 

ولكننا في هذه الحالة نتجاهل حقيقة أننا لا نعرف حتى الآن كيف يتطور الوعي لدى الأطفال"، فالطفل يكون محاطاً بعالم من البالغين من حوله، ويبدأ بمحاكاة الحروف المنطوقة، ثم الكلمات ثم الجمل، حتى يصبح كياناً واعياً!

 

بالتالي "قد نكون خطينا خطوة أولى في عملية يمكن أن تنتج كياناً واعياً دون أن نكون قاصدين أو منتبهين لذلك".


 

  1. مساعد وليس بديل

 

بين التوقعات التي تقلل من شأن التطبيق الجديد، والآراء الأخرى التي تمنحه إمكانات أقرب إلى عالم الخيال العلمي، قررنا أن نعرف رأي ChatGPT بهذا الخصوص، وإن كان يعتقد بأن سيحل محل البشر في المستقبل.

وهذه كانت إجابته

 

"أنا نموذج لغوي قادر على فهم النصوص وتوليدها، وهو ما يجعلني مناسباً لأداء مهام مثل الكتابة والترجمة والتلخيص والإجابة على الأسئلة. ويمكن في المستقبل أن أحل محل الوظائف التي تتضمن كماً كبيراً مهام الكتابة أو المهام اللغوية، مثل الكتابة التسويقية وإنشاء المحتوى والترجمة. مع ذلك، من الضروري الإشارة إلى أنني لست قادراً على الحلول محل البشر في الوظائف التي تتطلب التفكير النقدي أو الإبداع أو اتخاذ القرارات، كونها تتطلب إدراكاً. كما سيتطلب استخدامي إشرافاً ومراقبة بشريين لضمان جودة النتائج".

 

إن هذا الرد هو الأكثر عقلانية ومنطقية، وهو الرأي الشائع حتى الآن لدى غالبية المتابعين.

 

فاللغة والكتابة والترجمة هي مهام فكرية معقدة تنطوي على مستويات عالية من العاطفة والأفكار العميقة والتعابير الدقيقة، وهي من الأمور التي نفخر بها على أنها من أسمى نتاجات الوعي والإبداع البشري.

 

وتبقى هذه المهام "افعالاً بشرية صرفة"، حتى وإن أمكن محاكاتها أو تقليدها.

 

الاستعداد للتغير، لا مقاومته

 

 

بدأت الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر، وحملت معها تغييرات جذرية في أساليب العمل، وشهدت حلول الآلات محل الكثير من الأعمال والوظائف "البشرية" آنذاك.

 

وبحلول القرن التاسع عشر، ظهرت مجموعة من عمال الغزل والنسيج في إنجلترا الذين قاموا بتحطيم الآلات وحرق المصانع، لأنهم كانوا ناقمين على الآلات لأنها "تسلبهم أجورهم ووظائفهم"، في حركة عُرفت باسم حركة "اللوديين" (Luddits).

 

ونعرف جميعاً أن مسيرة التطور استمرت، وهيمنت الآلات على كثير من عمليات التصنيع، بينما انتهت حركة اللوديين، وأصبح اسمها مصطلحاً يدل على الأشخاص الذين يقفون في وجه الابتكارات الجديدة ويحاربونها.

 

وبالعودة إلى يومنا هذا، فإننا نشهد ظهور ابتكارات وتطورات تقنية كل يوم وبتسارع غير مسبوق، لذا فإن حلول التكنولوجيا مكان بعض الوظائف البشرية هو أمر لا مفر منه (وهو حال أغلب الوظائف والأعمال البشرية عبر التاريخ)، بالتالي علينا العمل للتأقلم مع هذه التغيرات، ومواكبتها، وحتى المساهمة في تطويرها، بدلاً من الخوف منها ومحاولة الوقوف في وجهها.

 

ما يزال ChatGPT يحظى باهتمامٍ متنامٍ، ويواصل مستخدمو الإنترنت إعطاءه المزيد من التحديات والمهام التي يعمل على حلها والتعلم منها (وهذا بالمقابل يعزز من قدرات التطبيق أكثر فأكثر).

 

لذا من المستبعد أن يكون ChatGPT مجرد "صيحة عابرة" كغيره (خاصة وأنه ما يزال في مراحله الأولية)، وسيكون من المثير للاهتمام متابعة الآفاق الجديدة التي يمكن أن يصل إليها، والاستخدامات المبتكرة التي يمكن أن يقدمها في المستقبل.

 

كل ما علينا هو الانتظار والمتابعة، والاستعداد.

 

Image
أبراج بحيرات جميرا، ص.ب. 38443, دبي الإمارات العربية المتحدة ​
المبيعات وخدمة العملاء
97144243066+
البريد الالكتروني على مدار الساعة:
hello@hoc.ae