مدونة بيت المحتوى

الذكاء الاصطناعي وأثره على عمل المترجم

الذكاء الاصطناعي وأثره على عمل المترجم

تعتبر الترجمة وسيلة التواصل بين الشعوب والقلب النابض لنقل الحضارات. وتبرز أهميتها اليوم في ظل ما يشهده عالمنا من تقدم تكنولوجي وانفتاح غيّر طريقة أداء الأعمال. حيث لم تعد الشركات تكتفي بنشر منتجاتها في منطقة معينة أو سوق محددة، بل أصبحت تسعى إلى الدخول في أسواق جديدة والانتشار عالمياً. ولذلك وجدت الشركات نفسها بحاجة ملحة إلى التواصل مع المستهلك بلغته وتوطين منتجاتها وخدماتها بحيث تكون سباقة بالاستحواذ على اهتمامه وانتباهه.

وبرز مصطلح الذكاء الاصطناعي في القرن الماضي ليشير إلى قدرة الآلة على محاكاة السلوك البشري أو القيام بمهام تتطلب ذكاءً، وكان لمجال الترجمة نصيبه الوافر من هذا التقدم التكنولوجي حيث تعود بدايات البحث العلمي الخاص بالترجمة الآلية إلى عام 1949، والتي يقصد فيها تحويل نص بلغة معينة إلى لغة أخرى من خلال الاستعانة بالحاسب الآلي.

ولطالما كان التطور مترافقاً مع الخوف من الفشل أو من تبعات التغيير الحاصل في مجال ما، وهذا ما حصل مع استخدام الترجمة الآلية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، حيث فضل الكثيرون عدم استخدامها لأسباب تتعلق بالكفاءة والموضوعية والدقة، في حين أيّد البعض استخدامها والاستفادة منها لما لها من أثر كبير في خفض وقت وتكلفة عملية الترجمة، وهنا لابد من إجراء مقارنة لكشف بعض سلبيات وإيجابيات استخدام هذه التقنية الجديدة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.

تكون الترجمة الآلية ذات جدوى في ترجمة المحتوى العام البسيط أو ما يحتاجه السياح أو متصفحو الانترنت، بينما تحتاج المقالات والكتب والوثائق إلى الترجمة الاحترافية العالية الجودة التي يتميز بها العنصر البشري.

تستند الترجمة الآلية على أساس استبدال الكلمات في لغة معينة بكلمات في لغة أخرى ولأن هذه الترجمة تعتمد على المدخلات فإنها تفتقر للمعرفة السياقية والاصطلاحية وهو ما توفره الترجمة البشرية.

تتفوق الترجمة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي على أنواع الترجمة الأخرى من حيث خفض التكلفة المالية واختصار الوقت الذي يعتبر عاملاً هاماً في عصرنا. ولكن تبقى الحاجة ضرورية للمترجم البشري للعمل على تحسين جودة الترجمة النهائية لضمان الدقة المطلوبة وملائمته للجمهور المستهدف.

تفتقر الترجمة الآلية لعنصر الإبداع والابتكار خصوصاً في الترجمة الإبداعية والتسويقية التي تحتاج إلى إطلاق العنان لخيال المترجم لابتكار محتوى جديد.

وعلى الرغم من بلوغ الذكاء الاصطناعي مرحلة متقدمة من التطور ولكن ليس بمقدوره بعد تحليل لغة الجسد التي تلعب دوراً هاماً في التواصل بين البشر، كما لا يمكنه الكشف عن جوانب الدعابة أو اختلاف النبرات الصوتية في النصوص المكتوبة والمنطوقة. وفي مجاليّ الترجمة التحريرية والترجمة الفورية، تؤثر كل هذه العوامل على فهم النص ونقله إلى اللغة الهدف؛ وهذا بدوره يتطلب دائماً تدخل مترجم بشري لتدقيق الترجمة والتأكد من صحتها، ولكن هذا التدخل يتغير حسب طبيعة النص المُترجم. ومن المؤكد أن الذكاء الاصطناعي سيسهم في تهيئة أدوار جديدة وأكثر أهمية للمترجمين مما يؤدي إلى تطوير مجال الترجمة التحريرية والفورية بدلاً من السيطرة عليه. وقد نشهد في المستقبل قدرة الذكاء الاصطناعي على محاكاة البشر في إتقان لغتهم، لكن هذا لا يعني أن تكون له الكلمة الفصل في مجال الترجمة، أو أن يتسبب في إلغاء دور المترجمين البشريين.

وعلى الرغم من التقدم التكنولوجي الكبير ودخول الذكاء الاصطناعي معظم مجالات الحياة يبقى العامل البشري محافظاً على موقعه الهام والضروري لإنجاز المهمة المطلوبة بالشكل الأمثل.

بقلم: غيث رمضان، مترجم في "بيت المحتوى" (HOC)



 

Image
أبراج بحيرات جميرا، ص.ب. 38443, دبي الإمارات العربية المتحدة ​
المبيعات وخدمة العملاء
97144243066+
البريد الالكتروني على مدار الساعة:
hello@hoc.ae