علي سليمان - مترجم في بيت المحتوى
يعرّف المقال بأنه أحد أشكال التراكيب الإنشائية القصيرة والذي يتناول بين سطورهِ موضوعاً واحداً محدداً دون غيره. ويتميز بأسلوبهِ الكتابي المبسط والذي يمكن فهمه وتلقيه بسلاسة من قبل القارئ. كما يعتبر مساحةً مناسبةً يستطيع من خلالها الكاتب استعراض مقدراته اللغوية والرسم مستخدماً الكلمات فقط، إلى جانب إظهار إبداعاته الفكرية وسعة معرفته حول الموضوع الذي يتناوله من خلال المقال.
ويتألف المقال من ثلاث أقسام هي:
المقدمة: تحتوي المقدمة في أغلب الأحيان على الفكرة العامة والطريق التمهيدي الذي يأخذ بيد القارئ ويرشده نحو موضوع المقال الرئيسي.
العَرض: يتطرق الكاتب من خلال عَرض المقال لموضوعه بتوسعٍ أكبر مستخدماً الأمثلة، إلى جانب اعتمادِ أساليبٍ معينة كالمقارنة والتقريب والتفسير والتي من شأنها أن تجذب اهتمام القارئ وتشد انتباهه، مع أهمية ذكر المصادر والمراجع والأرقام التي تدعم وتعزز المقال في حال وجدت.
الخاتمة: يقوم الكاتب من خلال الخاتمة بإعادة ترتيب أفكاره التي وردت في المقال ككل، لكن بطريقة موجزة ومختصرة تساعد على ترسيخها وثباتها في ذهن القارئ. ويمكن للكاتب استخدام مقدمة المقال ذاتها كخاتمة لكن بتراكيب ومفردات مختلفة وذلك للهروب من فخ التكرار.
وتتعدد أنواع المقال بحسب آلية معالجة الموضوع الذي تتناوله، وتقسم إلى:
- المقال التحليلي
- المقال الجدلي
- المقال التفسيري
- المقال المقارن
- مقال المشكلة والحل
- مقال السبب والنتيجة
- المقال التحليلي
يعتبر هذا النوع من أبرز أساليب المقال وأكثرها تأثيراً على القارئ، كما يشكل النسبة الأكبر من الكتابات والفنون الصحفية المختلفة والسياسية بشكل خاص. ويعتمد هذا النهج الأدبي على تحليل الموضوعات والأحداث التي يتناولها المقال بشكل واسعٍ ومفصلٍ كلُّ على حدة، ومن ثم الربط بينها بطريقة منطقية وسلسة تترك القارئ في حالة من التنقل السلس بين جوانبها وأفكارها وطروحاتها المختلفة.
- المقال الجدلي
يعتبر من الأنواع التي تثير حماس ومتعة القارئ، نظراً لاحتوائه على فكرتين متضادتين تخدمان هدفاً رئيسياً واحداً مشتركاً لكن كلٌّ بطريقتها الخاصة وأساليبها المختلفة. ويتناول الكاتب من خلال هذا النوع الأدبي كل فكرة على حدة ويناقش طرقها وأساليبها وإيجابياتها وسلبياتها بطريقة مبسطة ودون استطراد، مع أهمية الحفاظ على عنصر الحياد وترك قرار تفضيل إحداها عن الأخرى للقارئ. كما يجب ذكر أهم النتائج التي تم الوصول إليها في كل من الطريقين في حال وجدت.
- المقال التفسيري
يهدف الكاتب من خلال هذا النوع من المقالات إلى تفسير ظاهرة أو قضية ما تفسيراً يتطلب تعريفها ووصفها وبيان أسبابها والنتائج المترتبة عليها بهدف التوضيح وإزالة الغموض دون دفع القارئ أو إجباره على تقبل وجهة نظر معينة. ويتألف بطبيعة الحال من العناصر الثلاث الرئيسية (المقدمة - العرض - الخاتمة). ويركز هذا النوع من المقال بشكله العام على تقديم الأجوبة التي يسأل عنها القارئ باستخدام أداتي الاستفهام (كيف - ولماذا).
- المقال المقارن
يعتبر المقال المقارن من الأنواع السهلة نسبياً بالنسبة للكاتب كونهُ يتّبع نهجاً وخطواتٍ بسيطةً خاليةٍ من التعقيد. ويدرس هذا النوع من المقال، الموضوعات المختلفة من وجهات نظرٍ متعددة، وغالباً ما يتم التركيز عليه في المدارس أثناء المرحلتين الإعدادية والثانوية كونه يعلم الطلاب عملية الكتابة التحليلية، والأشكال الأوسع من الكتابة الأكاديمية. ويجب أن يكون المقال واضحاً بشأن الموضوعات التي سيتناولها منذ البداية، بالإضافة لتحديد أي من وجهات النظر سوف يتبناها الكاتب في نهاية الأمر، مع ضرورة تناول كل موضوع من المواضيع على حدة والتوسع في شرحه والكشف عن خصائصه وتضمين نقاط التشابه والاختلاف بينه وبين الموضوع الآخر من أجل الوصول إلى النتيجة النهائية.
- مقال المشكلة والحل
يعتبر مقال المشكلة والحل من أنواع المقال التي تتصف باحتوائها نوعاً من أنواع الحجة، حيث ينطوي هذا النوع من المقال على جدالٍ يحاول الكاتب فيه إقناع القارئ بوجود مشكلةٍ ربما لا يدركها بالشكل الكافي في بعض الأحيان، مع ضرورة شرحها بطريقةٍ موسعةٍ باستخدام الوقائع والبيانات والأرقام إن وجدت، ومن ثم تقديم الحل أو مجموعة الحلول المناسبة لهذه المشكلة. ومن المهم جداً جذب انتباه القارئ منذ البداية وأقناعه بأهمية المشكلة وضرورة حلها فضلاً عن شرح الحل بمنتهى الوضوح. كما يعتبر إقناع القارئ بأن الحل الذي يقدمه الكاتب في مقالته هو أفضل وأجدى الحلول وأقلها كلفةً من الحلول الأخرى المقدمة لهذه المشكلة، من أهم أسباب نجاح مقال الحل والمشكلة وإحداثه التأثير المطلوب.
- مقال السبب والنتيجة
يعتبر هذا النوع من أكثر الأنواع شيوعاً في الكتابة الأكاديمية، ويتضمن فقرةً واحدةً أو أكثر تبحث في سبب أو أسباب موضوع ما، والنتيجة أو النتائج التي يسببها أيضاً. ويعدّ هذا الأسلوب الأدبي أحد أشكال المقال الجدلي الذي يتناول تأثير موضوع معين بشكل مباشر على موضوع آخر. ويتوسّع الكاتب من خلال مقال السبب والنتيجة في دراسة الأسباب وتعدادها بوضوح، وتأثيراتها على موضوع ما، مثل الإنسان أو الطبيعة أو ربما الاقتصاد. ويستعمل هذا النوع من المقال بشكل كبير في التقارير والبحوث الطبية كالتي تتناول أحد الأمراض ومسبباته وآثارهِ على الصحة العامة، أو أحد أساليب النظام الغذائي وفوائده الصحية وتأثيراته على جسم الإنسان وغيرها الكثير.
ويعتبر المقال باختلاف أشكاله وأنواعه وطروحاته التي يعالجها، حجر الأساس في الكتابة الأكاديمية التي يشكل اتقناها بشكل جيد عاملاً مهماً في نجاح الكاتب، سواء كان صحفياً أم باحثاً أم طالباً. كما يسهم المقال المتين ذو التراكيب المتماسكة والأسلوب الجميل الهيّن، في وصولِ الفكرة المقصودة بنسبةٍ أكبر وإحداثها التأثير المطلوب.
