بقلم: نور ابراهيم، محررة جودة في بيت المحتوى
تُصادفنا خلال مهنة الترجمة أنواعٌ مختلفة من المحتوى التي تتطلّب أسلوب عملٍ مختلف في كلّ مرة، وتتطور أساليب المترجم مع الوقت ليصقل قدرةً أسرع في إبداع نصٍ أكثر سلاسةً ووضوحاً بما يتناسب مع كلّ نوع. ويُمكن أن يساعد التعرّف إلى نوع المحتوى والهدف منه في تقديم ترجمةٍ مثالية تلبي متطلبات العميل. فبعيداً عن ترجمة الوثائق التابعة لجهات رسمية معينة، قد تواجهنا في نصوصٍ أخرى صعوباتٌ في صياغة عباراتٍ لا تخدم هدف المحتوى بشكلٍ دقيق، ما يوقعنا في فخ الرتابة والركاكة وضعف الكتابة.
وتقوم الجهات التي تعمل في مجالات الاتصالات والعلاقات العامة بإنشاء أشكالٍ متنوعة من المحتوى البصري أو المسموع أو المكتوب وترجمته إلى لغاتٍ مختلفة لمخاطبة جمهورها الداخلي أو الخارجي ولاستقطاب العملاء الجدد والحفاظ على عملائها الحاليين. ولا يمكننا ترجمة خبر صحفي بالأسلوب الذي نكتب فيه منشوراً على وسائل التواصل الاجتماعي أو مقالاً يخدم فكرةً معينة. وتنقسم كتابة المحتوى الذي نترجمه بشكلٍ رئيسي إلى نوعين، هما المحتوى التخصّصي والمحتوى التسويقي أو ما يعرف بالـ Content Writing والـ Copywriting.
لنبدأ بكتابة المحتوى التخصّصي الذي ينقسم بدوره إلى عدة أنواع تخاطب بعضها الجمهور الداخلي للشركة، مثل رسائل البريد الإلكتروني والنشرات الدورية والتحديثات المتعلقة بالعمل أو مقاطع فيديو تدريبية لصقل مهارات الموظفين. بينما يخاطب بعضها الآخر الجمهور الخارجي من عملاءٍ حاليين أو محتملين، مثل دليل استخدام المنتج أو تعليمات ارتياد نادٍ صحي أو الأسئلة المتكررة ضمن موقع إلكتروني للشركة أو حتى المقالات الدورية التي تواظب جهاتٌ معينة على نشرها للحديث عن حالة السوق ومساعدة القرّاء على اتخاذ قرارات استثمارية مدروسة. ويطرح المحتوى التخصصي مواضيع متنوعة تشدّ القارئ وتصبّ في تخصّص الشركة والقطاع الذي تنشط فيه، كقطاعات الترفيه أو التكنولوجيا أو الموضة وغيرها. وتميل الشركات في بعض الأحيان لاستخدام هذا النوع لتتفاعل مع الجمهور من خلف الكواليس وتتيح لهم قيمةً مضافة بدون مقابل وبدون أن تسعى للترويج لمنتج أو بيعه. وتُعد التدوينات ومقالات الرأي وصور الجرافيك الغنية بالمعلومات أمثلةً شائعةً أخرى تسهم بترسيخ اسم العلامة وبناء الثقة مع العملاء المحتملين.
بينما يتمحور هدف كتابة المحتوى التسويقي ببساطةٍ حول الترويج لجهةٍ معينة وتعريف الجمهور بعلامتها لاستقطاب العملاء وتعزيز المبيعات وتحقيق المزيد من الأرباح، من خلال اطلاعهم على إنجازات هذه الجهة مثل شراكات أو اتفاقياتٍ قامت بعقدها مؤخراً أو منتجاتٍ قامت بإطلاقها من شأنها تلبية احتياجات العملاء. وتتنوع أشكال هذه الكتابة بين الإعلانات ورسائل البريد الإلكتروني الترويجية والمدونات والأخبار الصحفية التي تتطرق إلى هذه الأخبار بصورةٍ رسمية وأكثر إسهاباً وغالباً ما تكون مدعومةً باقتباسات جهاتٍ معنية. وقد تعيد القنوات الرسمية للشركات على وسائل التواصل الاجتماعي نشر ما ورد في أخبارها الصحفية بصورةٍ مختزلة تشير إلى الجهات المعنية في الخبر الأساسي وتستخدم صوراً حقيقية أو توضيحية لجذب الانتباه. ويجب أن يتسم المحتوى التسويقي بأسلوبٍ بعيد عن البهرجة في الأخبار الصحفية ويتسم بالمرح والسهولة في منشورات السوشيال ميديا، مع مراعاة مجال عمل كل عميل والحرص على كتابة عنوانٍ شيق ومباشر في آنٍ معاً.
وفي الختام، يُمكن القول بأنّ النوعين مرتبطان ببعضهما بشكلٍ وثيق فكتابة المحتوى التخصّصي والمحتوى التسويقي هما وجهان لعملةٍ واحدة، ومن الشروط الأساسية لنجاح كلّ شركة وتمكين كل علامة من ترسيخ حضورها وتحقيق النجاح. وإذا أردنا مثالاً آخر، يمكننا النظر إلى كل ما سبق على أنه كتابة محتوى تخصّصي لم يتناول أي جهة أو يسوّق لأي علامة بل خاطب العاملين في مجال الترجمة لمساعدتهم في التعرف على موضوعٍ يخدم عملهم، لكن إذا أوضحنا بأنّ شركة بيت المحتوى تقدم خدمات الترجمة لجميع أشكال المحتوى السابق ذكرها، فقد تحوّل ما كتبناه إلى محتوى تسويقي بحت.