مع الانتشار الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي في عالمنا اليوم، ظهرت شخصيات تدعى influencers (المؤثرون)، أو كمصطلح جديد مشاهير التواصل الاجتماعي. وحاز المؤثرون على شعبية وجماهيرية واسعة بفضل تقديمهم للمحتوى الترفيهي أو الهادف. ويصل المؤثرون إلى ملايين المتابعين الذين يثقون بآرائهم ومحتواهم، وهو ما شَجّع العلامات التجارية للتعامل معهم لتسويق المنتجات والخدمات.
ومن ناحية أخرى، ظهرت في الآونة الأخيرة مجموعة معاكسة لظاهرة المؤثرين تحت اسم Deinfluencers أو بمعنى مبسط المؤثرون المعاكسون، ويهدف محتوى هؤلاء المؤثرين إلى انتقاد منتجات عرضها وسوقها المؤثرون سابقاً. ويتميز هذا النقد بالمصداقية والشفافية والبعد عن الأهداف التجارية.
من هم المؤثرون المعاكسون؟
ويعرّف المؤثرون المعاكسون أنفسهم بالحركة الجديدة الأصيلة، التي تسعى إلى إحداث تغييرات إيجابية بعيداً عن الاستغلال المادي، وتهدف إلى إقناع المعجبين بعدم الوقوع ضحية الاستهلاك المفرط للمنتجات الرائجة على مواقع التواصل الاجتماعي. وظهرت هذه الحركة للمرة الأولى على منصة تيك توك، لتقدم للمتابعين وجهة نظر معاكسة لآراء المؤثرين حول المنتجات، مما أثار ضجة وغضب لدى أصحاب العلامات والمؤثرين أنفسهم.
وتعتمد أكثر من 75% من العلامات التجارية اليوم على توصيات المؤثرين لتسويق منتجاتها، حيث أشارت دراسات متخصصة إلى أن 54% من الأشخاص يقررون شراء خدمة أو منتج لمجرد عرضه من قبل المؤثرين على إنستاجرام، في حين أكدت إحصائيات أجرتها تويتر أن 53٪ من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي هم أول من يشتري المنتجات الجديدة.
كما وجد تقرير صادر عن منظمة إن تشارج ديبت سلوشنز أن أكثر من ثلث الأشخاص يعترفون بالإسراف في صرف أموالهم فقط لمواكبة ما هو رائج على مواقع التواصل الاجتماعي.
لكن من جهة أخرى قد يقع المستهلك في فخ الثقة المفرطة بالمؤثرين عند شراء منتج موصى به، أو يخيب ظنه من الحصول على خدمة باهظة الثمن. لذلك قرر المؤثرون المعاكسون الظهور عبر منصاتهم لعرض منتجات وتقييمها لإقناع المتابعين بعدم شرائها، وتعزيز الوعي للحد من الاستهلاك المفرط وشراء الضروري فقط.
وانتشر أيضاً مؤخراً هاشتاج dupe (أو بالعربي بديل أرخص) من أجل الترويج لمنتجات تقدم نفس الجودة بسعر أقل من المنتجات الشهيرة التي يسوقها المؤثرين. كما نشأت علامات للموضة السريعة لتعتمد نفس المفهوم مثل (شي إن وزارا وفاشن نوفا) وغيرها، وتسعى إلى توفير ملابس ومستحضرات تجميل وخدمات أخرى بسعر أقل وتواكب المنتجات الرائجة بنفس الوقت. وأصبح بعض المؤثرين المعاكسين يتعاملون مع هذه العلامات للحد من النزعة الاستهلاكية وتوفير الأموال، حيث ازدادت نسبة مشاهدة هاشتاج dupe في الآونة الأخيرة إلى أكثر من 3.1 مليار، في حين بلغت 666.3 مليون مشاهدة للهاشتاج العربي بديل أرخص على تيك توك.
الوجه المخفي للحركة الجديدة
لا شك أن الحركة الحديثة تفيد الكثير من المتابعين وتحميهم من التسويق المضلل من خلال اعتماد المؤثر المعاكس على المصداقية في التقييم. إلا أن هذه الحرك تسببت بأضرار في المبيعات والسمعة للعلامات الشهيرة، التي اتخذت خطوات لحماية نفسها وبدأت تصرف أموالاً لإسكات بعض المؤثرين المعاكسين للعدول عن التقييمات السلبية.
كما وقد يتجه الكثير من المؤثرين المعاكسين أيضاً إلى هذا المسار بهدف الشهرة وكسب الأموال من العلامات المنافسة أو من المشاهدات العالية بعيداً عن المبادئ التي ظهرت من أجلها الحركة.
وعلى الرغم من العدد الهائل من المؤثرين بمختلف أنواعهم وتوجهاتهم، فينبغي على المتابع ألا ينساق نحو الخدمات أو المنتجات لمجرد أن الشخص المفضل لديه نصح بها، بل يعتمد على البحث وجمع الآراء المختلفة. ويأخذ بعين الاعتبار أن التسويق في النهاية هدفه الترويج وكسب المال بغض النظر عن الجودة.
بقلم: دعاء عباس، مترجمة في بيت المحتوى
------------------
المصادر: