يقع المترجمون الجدد في حيرة عند بداية مسيرتهم المهنية نتيجة تنوع أشكال المحتوى الذين يحتاجون إلى ترجمته. فالمحتوى المطلوب للترجمة يمكن أن يكون مقابلة صحفية، أو مقال رأي، أو عرضاً تقديمياً للتعريف بشركة ما، أو ورقة معلومات، أو خبراً صحفياً. ومن بينها جميعاً، يحافظ الخبر الصحفي على رواجه على الرغم من التطور الكبير الذي يشهده قطاع صناعة المحتوى، كما يحمل خصوصية في الصياغة تميزه عن بقية أشكال المحتوى الأخرى، وهذا ما سنتطرق له في هذه السطور.
الخبر الصحفي هو وسيلة لإيصال رسالة من الشركات أو العلامات التجارية إلى جمهورها المستهدف، عن طريق نشر هذا الخبر في الإعلام المقروء أو المرئي أو المسموع. وهو ليس إعلاناً مدفوعاً ولا بديلاً عن الإعلانات التجارية، بل هو جزء من خطة التسويق المتكاملة التي تنتهجها الشركات اليوم. وغالباً ما تصدر الشركات أو العلامات التجارية خبراً صحفياً للتعريف بفعالية قادمة أو إنجازٍ نجحت في تحقيقه أو منتج ستطرحه قريباً. وبعد أن تقوم العلامة التجارية أو شركة العلاقات العامة التي تتعاون معها بإنشاء الخبر الصحفي، تقوم بتوزيعه على مختلف وسائل الإعلام التي قد تقوم بدورها بنشره إن وجدت فيه ما يتوافق مع المعايير التي تلتزم بها.
وبالحديث عن معايير الخبر الصحفي في منطقة الخليج العربي على وجه الخصوص، يحمل المترجم إلى اللغة العربية مسؤولية إضافية إلى جانب تعريب المحتوى بشكل دقيق وصحيح والحفاظ على سلاسة الأسلوب، وهي الانتباه إلى الأسلوب المفضل لدى وسائل الإعلام العربية في المنطقة في صياغة المحتوى؛ حيث لا يكفي أن يقوم المترجم بنقل الخبر الصحفي من اللغة الإنجليزية كلمة بكلمة لأن معايير الخبر الصحفي تختلف بين وسائل الإعلام في اللغتين. وسنتطرق لأمثلة مفصلة عن ذلك.
عنوان الخبر الصحفي هو المفتاح السحري، فهو الجزء الذي سيراه المحرر في زحمة بريده الإلكتروني، وهو ما قد يشد انتباهه إلى قراءة الخبر بالكامل ونشره، أو يدفعه إلى عدم الاهتمام وإرسال الخبر إلى سلة المحذوفات. وهذا لا يعني مطلقاً أن يكون العنوان وردياً أو مليئاً بالكلمات الرنانة، بل على العكس تماماً. مهمة العنوان في الخبر الصحفي العربي هي اختصار الرسالة التي ترغب العلامة بإيصالها بكلمات واضحة ومباشرة وبعيدة عن المبالغة، حتى وإن كان العنوان باللغة الإنجليزية لا يحقق هذه الشروط. وعادة ما يحمل عنوان الخبر الصحفي باللغة العربية صيغة الجملة الإسمية.
وفيما يلي أهم النقاط التي يحتاج المترجم إلى مراعاتها أثناء ترجمة بقية الخبر الصحفي:
- تجنب الترجمة الحرفية كلمة بكلمة، واعتماد أسلوب سلس لا يوحي للقارئ أن النص منقول من لغة أخرى.
- بداية الخبر الصحفي بفعل إخباري حتى في حال عدم التزام الخبر في لغته الأصلية بذلك.
- اعتماد جمل فعلية وليس اسمية.
- تجنب صيغة المبني للمجهول التي يكثر ظهورها في النصوص الإنكليزية.
- تجنب الجمل والمصطلحات والكلمات المزخرفة والرنانة، واستبدالها بلغة عملية ومباشرة يسهل على القارئ العادي فهمها. تذكر دوماً: الخبر الصحفي وسيلة لنقل خبر وليس لاستعراض اللغة.
- تجنب مخاطبة القارئ بشكل مباشر لأن هذه الصيغة تحمل طابعاً إعلانياً وليس إخبارياً، حتى في حال عدم التزام الخبر في لغته الأصلية بذلك.
- البحث عبر الشبكة الإلكترونية عن طريقة كتابة أسماء الأشخاص والشركات والعلامات والبلدان باللغة العربية واعتمادها من مصدر موثوق.
- الحفاظ على توحيد المصطلحات التي قد تتكرر في كافة جمل الخبر.
- عدم إطالة الجمل بحيث لا يضيع القارئ في البحث عن معناها، واستخدام علامات الترقيم العربية.
أما النقطة الأهم فهي مراعاة الخصوصية الثقافية للعالم العربي بشكل عام ولمنطقة الخليج العربي بشكل خاص. ويتضمن ذلك تجنب ذكر بعض المصطلحات التي يمكن أن تظهر في المحتوى الإنجليزي وذلك لتجنب أي حساسيات ثقافية أو دينية أو سياسية. وتبقى المواظبة على قراءة المحتوى العربي الاحترافي بشكل عام، والأخبار الصحفية في وسائل الإعلام الهادفة بشكل خاص، خير مرجع أمام المترجمين الجدد لمواكبة متطلبات الإعلام العربي وتفضيلاته، واكتساب الخبرة في كتابة الأخبار الصحفية باللغة العربية.
بقلم: د. علي محمد - الرئيس التنفيذي، بيت المحتوى