ملخص: لا تصح ترجمة الأسماء المختصرة وأسماء الشركات والمشاريع والهيئات تحت أي ظرفٍ كان. بل يتوجب عليك إجراء بحثٍ عن الصياغة المعتمدة لها في اللغة الهدف.
قد لا تمثّل ترجمة الأسماء والأسماء المختصرة مشكلةً فعلية في اللغات اللاتينية والهندية- الأوروبية كتلك التي تمثّلها في اللغة العربية. وينجم هذا الاختلاف عن عددٍ من الأسباب، نورد منها على سبيل المثال دون الحصر:
- يسهّل وجود الأبجدية المشتركة بين معظم مكونات هاتين الأسرتين الكبيرتين من اللغات (أي اللاتينية والهندية- الأوروبية) عملية ترجمة الأسماء والأسماء المختصرة.
- لطالما عُرفت اللغة العربية على امتداد تاريخها بأنها لا تستخدم الأسماء المختصرة. ويعود هذا لكونها لغةً وصفية تميل لاستخدام التراكيب الطويلة في وصف الأشياء.
- لا تتوفر جميع الأصوات الموجودة في اللغات اللاتينية والهندية-الأوروبية في اللغة العربية، والعكس صحيح، الأمر الذي يفسح المجال أمام خياراتٍ متعددة عند اعتماد الترجمة الصوتية (Transliteration).
- على عكس اللغات اللاتينية والهندية-الأوروبية، لا تتيح اللغة العربية كتابة الحرف منفرداً، الأمر الذي يجعل من استخدام الاختصارات تحدياً فعلياً في اللغة.
لسوء الحظ فإن قطاع التعريب لا يزال غير ناضجٍ على مختلف المستويات لأسباب عديدة، ولعل موضوعنا يمثّل أحد أهم هذه الأسباب. ولا يتلقى العديد من المترجمين العاملين في مجال التعريب التدريب الملائم والكافي لتمكينهم من مهارات التعريب الحديثة، أضف إلى ذلك غياب وجود أي هيئة تنظيمية أو منظمة غير حكومية تتولى تنسيق ممارسات التعريب واستخدام المفردات في سياقها الصحيح.
التحدي الرئيسي
تُعتبر ترجمة الأسماء المختصرة وأسماء الشركات والمشاريع والهيئات أحد أكثر الأخطاء الشائعة في النصوص المترجمة للغة العربية، إذ يقرر العديد من المترجمين ترجمة هذه العناصر اللغوية، وهي الممارسة التي تمثّل خطأً فادحاً. ودائماً ما نشرح للمترجمين في ورشات العمل التي ننظمها بأنهم لا يتمتعون بحق تسمية شركة العميل الذي نعمل معه، بل هو خيار العميل بشكلٍ مطلق. ويجب أن يكون هذا المفهوم البسيط أساس أي برنامج تدريبي حول الترجمة. وغالباً ما نطلب من المشاركين في ورشات العمل أن يقدموا لنا اقتراحاتهم لترجمة الاسم المختصر DEWA (ديوا) وهو اختصار Dubai Electricity and Water Authority. (هيئة كهرباء ومياه دبي)، ونحصل عادةً على خمس ترجماتٍ مختلفة بالحد الأدنى في اللغة العربية.
كيف نتوصل للصياغة الملائمة للأسماء باللغة العربية؟
يمكن تلخيص بروتوكول العمل في هذا المجال بالخوارزمية التالية، التي يتوجب على المترجم اتباع خطواتها بالتسلسل والتوقف عند الوصول إلى النتيجة المرضية في أي مرحلة.
- ابحث عن اسم العميل على موقعه الرسمي: إن حالفك الحظ سيكون الاسم مكتوباً على الموقع الإلكتروني، سواءً باللغة العربية ضمن المحتوى اللغوي في الموقع، أو ضمن شعار الشركة أو أي صورةٍ أخرى.
- إن لم يقدّم موقع العميل أي إشارةٍ للاسم على الموقع، حاول البحث عن الاسم على المواقع الإلكترونية الموثوقة. وما نقصده بالمواقع "الموثوقة" هي البوابات والمنصات الإلكترونية التي يقرأها الخبراء في القطاع. وعلى سبيل المثال، إن كنت تبحث عن اسم شركة في منطقة الشرق الأوسط، فإن موقع AMEinfo يمثّل مرجعاً جيداً. كما أن الصحف والمجلات الحكومية المتخصصة في قطاع الأعمال تمثّل مرجعاً جيداً.
- اسأل العميل: في حال لم تساعدك الخطوات السابقة في التوصل إلى حل، توجه للعميل واسأله إن كان لديه أي اسم عربي معتمد. ولا تشعر بالإحباط في حال كان جوابه بالنفي، لأنك ستكون قد حصلت بذلك على فرصتك الذهبية لتقدّم لهم اقتراحك بالاسم الملائم.
- اسأل مجتمع المترجمين: بعد استنفاذ جميع الخطوات الماضية، يمكنك العودة إلى زملائك في القطاع. اطرح سؤالك على أحد مجتمعات الترجمة على شبكة الإنترنت، مثل مجتمع المترجمين العرب أو Proz أو Translators Café. تذكّر: قد تكون الأجوبة التي سيقدّمها الزملاء في القطاع نافعةً، إلا أنها قد لا تكون دقيقةً بالضرورة. ويتوجب عليك اخضاع هذه المقترحات للمحاكمة العقلية والتفكير النقدي للتوصل إلى الحكم الصحيح بعد مقارنتك بين الإجابات المختلفة.
وما الحل بالنسبة للأسماء المختصرة؟
يمكن تطبيق الخطوات سالفة الذكر في البحث عن المقابل العربي الملائم للأسماء المختصرة، ولكن سنستبدل خطوة سؤال العميل- مع كامل تقديرنا لمعرفته- ونتوجه للخبراء في القطاع، نظراً لأن العميل قد لا يكون على درايةٍ بالترجمة العربية المعتمدة لمثل هذا الاسم المختصر. ونقصد بالخبراء أي شخصٍ يعمل في القطاع وعلى دجةٍ كافية من الخبرة باللغتين المصدر والهدف.
ويمكنكم تطبيق هذه الخطوات أيضاً على ترجمة أسماء الأشخاص، وخاصةً الذين يمكن كتابة أسمائهم بأكثر من شكلٍ واحد. وفي جميع الحالات، تبقى القاعدة الذهبية ذاتها لا تتغير: لا تترجم أسماء العَلَم والأسماء المختصرة، فهي تحتاج عملية بحثٍ موسّعة، وليس ترجمتها فحسب.
بقلم: الدكتور علي محمد، المؤسس والمدير التنفيذي - بيت المحتوى