مدونة بيت المحتوى

الدليل الإرشادي المثالي والممتاز لكتابة الأخبار الصحفية والمقالات بأسلوب متميّز وموافق لقواعد اللغة العربية القويمة

بقلم: نصر أنقر، مدير الجودة، بيت المحتوى


شاعت في الفترة الأخيرة صيحة جديدة لامست مختلف جوانب الحياة حول نشر تعليمات سريعة لتنفيذ العديد من المهام في الحياة، من أمثال خمس حيل لتوفير استخدام سائل الجلي وتعلّم أسلوب تنفيذ العمليات الحسابية بأسلوب مبسط. ولكن هذه الصيحة امتدت لتصل حدود اللغة العربية، وهو أمرٌ نجد أنفسنا مضطرين لتناوله علّنا نحفظ لغتنا من الانحدار نحو أساليب، على أهميتها في بعض الجوانب، إلا أنها لا تليق بتناول موضوع حساس كاللغة! وأول ما تقرر تناوله في اللغة العربية، كان الكتابة، ملكة المهارات اللغوية. ولفتتني بعض المقالات التي تتحدث عن خمس خطوات لكتابة خبر صحفي ممتاز، وأخرى عن أسرار كتابة العناوين بأسلوب صحيح، وثالثة تقدّم الدليل لصياغة الجمل، وكأن للإبداع مدرسة أو قواعد محددة.

ولعلّ كاتب أو مؤلف أي مقالٍ من هذا النوع لم يدرك كم الأخطاء التي قد وقع فيها لحظة تناوله اللغة من وجهة نظر العارف الملم، ناهيك عن الأخطاء القواعدية الكبيرة التي يرتكبها أحياناً من يكتبون مقالاتٍ "تعليمية". وللنقد الموضوعي، لا بد من الإشارة إلى مواضع الخطأ الكبرى في تناول اللغة من جانبٍ تنظيري، فأولاً، لا يملك شخصٌ واحد على وجه المعمورة مفاتيح الإبداع تحت أي ظرفٍ كان. وثانياً، يكمن جمال اللغة بلا محدوديتها؛ فكيف يمكن لأي شخصٍ أن يعلمك الكتابة الإبداعية! وهل يمكن لأعظم رسامي العالم أن يصنعوا مني رسّاماً بارعاً؟ بالطبع لا، ففي حين يمكن للرسام تعليمي خلط الألوان ومدارس الفن وأنواع الرسم وضربات الفرشاة، فلن يستطيع أن يفهمني كيفية النظر بعين فنية لكل ما حولي!

قد أستطيع تعليمك القواعد وتعريفك بالأخطاء الشائعة ولكن هل سأستطيع يوماً غرس بذرة الإبداع في أناملك؟ فالكتابة وبكل اختصار، ضربٌ من الإبداع، سواءً كنت أكتب خبراً صحفياً عن فعاليةٍ ما، أو أتناول قضيةً حساسة كالتعليم! فكل كلمةٍ أكتبها هي إبداع شخصي، وكل شخصٍ منا قد ينقل ذات الفكرة بكلمات مختلفة. واختصار القول أن الإبداع، فنياً كان أم أدبياً، لا يمكن اختصاره ولا على ورق الدنيا كلها، ولا يمكن تناوله سوى بالنقد والدراسة. وعند قراءة أي نصٍ بعينٍ ناقدة متفحّصة، سنتمكن حينها فقط من تطوير الأسلوب الشخصي الذي يتفرد كل شخصٍ منا به. وللوفاء بكلماتي سأنقد العنوان الفرعي لمقالي هذا، فطول العنوان المكوّن من 15 كلمة أضاع معناه، وتكرار الكلام (من تميّز وممتاز) تسبب بملل القارئ قبل البدء بقراءة المقال، ناهيك عن أنه لم يقدم لمحةً واضحةً أو تشويقية عن مضمونه، وأخيراً تكبّر الكاتب ونسب التميّز لنفسه يفقده مصداقيته بالنسبة للقارئ من الكلمة الأولى وبالتالي يفرغ الكلام من الرسالة التي يحاول إيصالها لقارئه.

إن حاولتم حبس اللغة بين قضبان الإرشادات، ستحبسكم عن أجنحة الإبداع!

Image
أبراج بحيرات جميرا، ص.ب. 38443, دبي الإمارات العربية المتحدة ​
المبيعات وخدمة العملاء
97144243066+
البريد الالكتروني على مدار الساعة:
hello@hoc.ae