صحيح أن العمل كمترجم هو أحد الأعمال التي يصعب التذمر من رتابتها وذلك بفضل تنوع المحتوى وغنى المعلومات التي يطالعها المترجم خلال عمله كل يوم. غير أن الملل ماهرٌ في التسلل إلى أي مهنة مع مرور الوقت ليسرق الحماس الذي رافق كتابة ترجماتنا الأولى.
وسواء كنتَ تعمل كمترجم ضمن فريق بدوام منتظم أو كمترجم مستقل، انتبه من تسلل الروتين إلى لوحة المفاتيح الخاصة بك، لأنه سيمتزج مع الكلمات وسيصل في النهاية إلى القارئ أيضاً. وحين تمسك بالملل وهو يحاول اقتحام ساعات عملك، قد تفيدك تجربة إحدى الحيل التالية للتخلص منه واستعادة قدراتك الإبداعية:
تغيير مكان العمل
وهي خطوة أسهل بالنسبة للمترجم المستقل، ولكن يمكن لأي مترجم أن يحاول تجربتها من وقت لآخر. اختر مكاناً غير مألوف للعمل مثل شاطئ البحر أو أمام ألعاب الأطفال في الحديقة العامة وستندهش أن قدرتك على التركيز والإبداع تضاعفت بدل أن تتناقص كما تظن. أذكرُ أنني في بداية عملي كمترجمة مستقلة اخترتُ المركز التجاري كمقرٍ لي لإنجاز ترجمة مشروع ضخم، ويبدو أن الصخب وأجواء الموضة تشكل فعلاً ملهماً مثالياً لأي أنثى مما ساعد على انتهاء المشروع قبل موعده وبإبداعٍ لا يستهان به.
من المفيد أيضاً عندما تصاب بحالة جفاف الأفكار أثناء الترجمة أن تقوم بتغير أدوات العمل. جرب مثلاً الكتابة باستخدام الورقة والقلم عوضاً عن لوحة المفاتيح، وغالباً ستنهال الأفكار على الورقة بسرعة أكبر. بالطبع لن تضع الورقة في مغلف وترسلها لشركتك بالبريد، لكن المحتوى الإبداعي الذي حصلتَ عليه يستحق بعض الوقت الإضافي لإعادة طباعته.
ابتكار تحديات شخصية
حدد لنفسك تحدياً دورياً ليسهم في تحفيزك على العمل؛ كأن تلتزم بتسليم كافة المشاريع المطلوبة منك قبل الوقت المحدد لها دون أي تأخير طيلة هذا الشهر، أو أن تحقق رقماً قياسياً جديداً في عدد الكلمات التي ستقوم بترجمتها خلال هذا الشهر. أما إذا كنتَ تتمتع بحرية اختيار المواضيع التي تعمل عليها، فيمكنك انتقاء موضوع مختلف في كل مرة لاكتساب خبرة ثقافية في العديد من المجالات.
تدريب مترجم جديد
مهما بلغت درجة انشغالك، حاول تخصيص بعض الوقت لمساعدة مترجم واعد على تطوير موهبته، وهو بدوره سيعيد إليك قدراً من الحماس الذي كنت تشعر به في بداية مسيرتك المهنية.
التخلص من إدمان مواقع التواصل الاجتماعي
قد تظن أن تصفح مواقع التواصل الاجتماعي خلال ساعات العمل تساعدك في تصفية ذهنك واستعادة نشاطك الفكري. لكن الحقيقة أن الهروب إلى هذه الصفحات يتحول إلى إدمان دون أن تشعر به، فتجد أن الوقت الذي أمضيته في تصفح أخبار مكررة أكثر من الوقت الذي قضيته في العمل. استعض عن مواقع التواصل بكتاب مسلٍ أو بإحدى حلقات المسلسل الكوميدي المفضل لديك في أوقات الاستراحة من العمل.
وفي النهاية، أفضل حافز لمساعدتك على محاربة الملل أن تتذكر أنّ الهدف من عملك كمترجم يتجاوز مجرد كونه وسيلة للحصول على الدخل؛ فقد اخترت هذه المهنة بدافع شغفك باللغة العربية ورغبتك الحقيقية بتحسين مستوى المحتوى الإلكتروني العربي ورفده بنصوص عالية الجودة وتعزيز حضور الترجمة الإبداعية، وهو الشغف ذاته الذي دفعك للتخلي عن مجال دراستك أو مهنتك السابقة والانضمام إلى صفوف المترجمين.
بقلم: نجوى جابري، مديرة العمليات، بيت المحتوى